الوحدة السادسة : السياحة 

النص السماعي الثاني 

بَياضٌ وَخُضْرَةٌ 

سافَرْتُ مَعَ مَجْمُوعَةٍ مِنَ السَّيَاحِ إِلى بِلادِ الْمَغْرِبِ . كانَتْ وِجْهَتُنَا مُرَاكُشَ بَعْدَ الْمُكَوثِ بِالْمَدِينَةِ يَوْماً واحداً ، بَدَأْنَا جَوْلاتِنا خارِجَ الْمَدِينَةِ . كَانَتْ أَوَّلُ جَوْلَةٍ لَنَا نَحْوَ الْجِبَالِ ، وَكُنَّا نَراهَا مِنْ بَعِيدٍ، حَتَّى قَبْلَ أَنْ نَنْطَلِقَ ، إِنَّهَا سِلْسِلَةٌ كَبِيرَةٌ مِنْ قِمَمٍ بَيْضَاءَ. 

في صباح باكر ، انْتَظمَتْ سَياراتُنا صَفاً ، واحِدَةً وَراء واحِدَةٍ ، ثُمَّ انْطَلَقَتْ بَعْدَ وَقْتٍ قَصِيرٍ مِنَ الْمَسِيرِ ، أَخَذْنَا نَدورُ وَنَدورُ ، نَلْفٌ حَوْلَ الْجَبَلِ، وَكُلُّ دَوْرَةٍ بِارْتِفَاعِ . زَادَ الْبَرْدُ، فَزِدْنَا مِمَّا نَلْبَسُهُ. بَعْدَمَا ارْتَفَعْنَا كَثِيراً ، بَدَأَتْ تَظْهَرُ آثارٌ مِنَ الثلوج ، أَخَذَ يَزْدَادُ شَيْئًا فَشَيْئًا سُمْكُهَا ، حَتَّى كدْنَا أَلَّا نَجِدَ عَلَى الْأَرْضِ سواها ، وَأَخيراً اقْتَرَبْنَا مِنَ الْقِمَّة. 

ما أَجْمَلَهُ مَا أَعْجَبَهُ مِنْ مَنْظَرٍ عَلَى الْقِمَمِ الْمُجاوِرَةِ لِلْقِمَّةِ الَّتِي نَقِفُ عَلَيْهَا ، انْتَشَرَتِ النُّلُوجُ النَّاصِعَةُ الْبَياضِ، وَمِنْ تَحْتِهَا انْتَشَرَتْ غاباتٌ مِنَ الصَّنَوْبَرِ الدَّاكِنَةُ الْخُضْرَةِ: بَيَاضٌ تَنْزِلُ بِبَصَرِكَ عَنْهُ، فَإِذَا هُوَ سَوادٌ. تَسَاءَلَ أَجَانِبُ بَيْنَنَا: أَيْنَ نَحْنُ؟ 

إِنَّكُمْ فِي جِبَالِ الأَطْلَسِ، فِي الْمَغْرِبِ بَلَدِ السِّيَاحَةِ وَالْجَمَالِ بِحَقِّ! 

172 

د. أحمد زكي بسيط (بتصرف)