النص السماعي (علاقتي بالكتاب) pdf

-A A +A



النص السماعي (علاقتي بالكتاب) مكتوب



كتاب التلميذ المنير في اللغة العربية المستوى الرابع

نصوص الوحدة الثالثة

مجال الهوايات : الأسبوع الثالث

علاقتي بالكتاب

ما زلت أفاخر دائما بأنني أتذكر جيدا عنوان أول كتاب قرأته في طفولتي، و ما كان ينبغي لي أن أنساه على أي حال؛ حدث ذلك منذ زمن كان لي من العمر عندئذ عشر سنوات. كنت في طريقي إلى المدرسة الابتدائية، حيث عثرت عليه. كان كتابا ضخما ممزق الصفحات، و من دون غلاف؛ ملقى على الرصيف، و كانت الصفحات الأولى منه مبللة بالزيت.

نسيت في ذلك اليوم المدرسة كليا، و انهمكت بكل لهفة و دهشة على ما تبقى من هذا الكنز الورقي الذي بين يدي، بعد أن ضاعت منه بعض الصفحات...، و لم أكن أعرف في تلك السن المبكرة، أن ما وقع بين يدي هو كتاب " الحيوان للجاحظ"، و أنه سيكون أول كتاب يغير مجرى حياتي إلى الأبد...، نفث الجاحظ سحره العذب في روحي المندهشة الطرية، فقايضت بالكتب كل الدنيا، و خيبت أحلام الأهل في أن أصبح ضابطا في الجمارك...رُغم تفوقي المذهلِ في الدراسةِ عبرَ كل مراحلها.

سلكتُ طريقا لا عودة منه، طريقَ الكتابةِ و الكتبِ و عشق الحرف، و النصوص و التيه في أودية و بحور الشعر و القصة و الحكاية الفاتنة، و العبارات البراقة، و والله لو خيروني اليوم مليون مرة لاخترت الطريق نفسه: الكتاب. و إني أؤكد أن لو مر يوم واحد و لم أقرأ فيه خمسين صفحة على الأقل من كتاب فإني لن أكون مرتاحا أبدا.

نعم، يمكن أن أصرح علنا، و من دون خجل بأنني مدمن للقراءة و إنني أمارس عادة غريبة في هذا الزمن الإلكتروني المريب الصارم، و هي أنني أشم حين أختلي بنفسي كل يوم، كتابا على الأقل أو نصفه أو حتى ربعه. و كثيرا ما يحدث أني رغم ضعف بصري، أتمكن من القراءة بصعوبة في غياب نظارتي الطبية، أن أقرأ نصف الجمل بعيني الواهنة، و نصفها الآخر بقلبي، وخصوصا إذا كانت من بعض الكتب التي قرأتها سابقا، و أعيد قراءتها من جديد، و لا أمل منها.

كمال العيادي القيرواني مجلة العربية عدد: 683 اكتوبر 2015-ص. 136-137

شارك المقال لتنفع به غيرك

7774673206035171072
https://www.moualimi.com/