قصة خفض الصوت عند الحديث Pdf
و عندما التحقت غادة بالمدرسة، كانت هي الوحيدة التي تتحدث بصوت مرتفع، فعرفها الجميع من معلمات و تلميذات، و كن يعلمن بوجودها من مسافات بعيدة عن طريق صوتها المميز الذي يظهر بوضوح عند النقاش مع زميلاتها أو عند إجابتها لسؤال.
حاولت معلمة الفصل أن تعود غادة على الحديث بصوت منخفض، و قالت لها : نحن دائما نفرح و نرتاح لهمس الطيور، بينما لا نحب أصوات الحيوانات و الطيور العالية، و أنت يا غادة رقيقة و وديعة و من الممكن أن تكوني مثل عصفور جميل نحب الاستماع لهمسه و غنائه، و هذا سيتحقق عندما تتحدثين بصوت منخفض.
فرحت غادة بكلام معلمتها التي تحبها، ووعدتها بأنها ستخفض صوتها مع الأيام.
كانت "إسراء" هي أكثر المتضررات من صوت غادة العالي، فهي جارتها في السكن زميلتها في نفس الفصل، بل و تجلس بجانبها أيضا.
و في يوم و أثناء سير غادة مع صدقتها إسراء، قالت غادة بفرحة كبيرة و بصوتها المرتفع : لقد استلم أبي بالأمس خمسين ألف دينار نصيبه من بيع بيت العائلة، و أراد أن يضعه في المصرف، و لكنننا جميعا طلبنا منه أن يشتري لنا سيارة بهذا الملبلغ، فوافق ووضع المبلغ بمكتبه، و سيذهب في يوم اجازته بعد غد ليشتري السيارة.
في هذا الوقت استمع أحد اللصوص إلى حديث غادة، فتتبعها حتى وصلت إلى بيتهم دون أن تلاحظه.
و بعد ساعات قليلة جاء هذا اللص و طرق باب البيت، و كان معه حقيبة بها بعض أنواع مساحيق غسل الملابس، و ادعى أن الأسرة فازت بكمية كبيرة من المسحوق.
فرحت الأسرة كثيرا، و خرج الأب من مكتبه و رحب بالضيف، ثم دخل إلى مكتبه و سحب خمسين دينارا و أعطاها للرجل كمكافأة له.
فخرج اللص و هو في سعادة كبيرة لاحظها الجميع.
بعد أن عرف اللص مكان النقود خطط لسرقتا، خاصة أن مكتب الأب يوجد بحجرة في الطابق الثاني تطل على الشارع، و من السهل الوصول إليها بحيلة بسيطة.
و في المساء اتصل اللص بوالد غادة و أخبره أن جائزة كبيرة تنتظره من شركة مساحيق الغسيل، و عليه أن يصل إليهم خلال ساعتين، فأخبره الأب بأنه سينزل من بيته بعد دقائق و يأتي إليه في العنوان الذي حدده له.
فرح اللص كثيرا و قرر الوصول لحجرة مكتب الأب، عن طريق تسلق أحد أعمدة الإنارة و فتح نافذة الحجرة.
و بالفعل، وصل اللص إلى مكتب الأب، فوجد الظلام يحل على المكان بأكمله، و لم يستمع لصوت أحد، فقال مازحا : ربما ذهبت الأسرة بأكملها لتسلم الجائزة.
ثم قام بفتح المكتب، و أخذ الحقيبة منه.
و عندما حاول الخروج من نفس النافذة، فوجئ بالأنوار تعم البيت، و رجال الشرطة يقبضون عليه، ووجد الد غادة يقول له : لقد اكتشفت أنك من اللصوص بسهولة، لأني أعمل محاسبا بإحدى شركات مساحيق الغسيل، و أعلم تقريبا مواعيد المسابقات و أماكن تسليم الجوائز.
ثم أكلم قائلا: و لكني أريد أن أعرف كيف علمت بوجود نقود في بيتي، بل و مكانا أيضا؟
قال اللص و هو يشير إلى غادة : علمت كل شيء من ابنتك هذه، فصوتها كان يلفت انتباه كل من يسير بالطريق، فتتبعتها حتى علمت كل التفاصيل.
بكت غادة و هي تقول : كنت سأتسبب في سرقة أموال أبي، و ربما حدث ما هو أخطر.
و بعد خروج رجال الشرطة و هم يمسكون باللص، أسرعت الأسرة إلى غادة لتهدئتها.
فقالت لها أمها : يا ابنتي، أنت من أذكى و أرق البنات، و لكن عيبك الوحيد هو ارتفاع صوتك لدرجة كبيرة، فحاولي من الآن التحكم فيه، و إلا كان الصمت أفضل.
و من هذا اليوم بدأت غادة تتحكم في صوتها، و بعد أيام قليلة استطاعت أن تتحدث بصوت منخفض كزميلاتها، و عندما سألتها المعلمة عن سبب هذا التحول، و هل تم ذلك عن طريق طبيب، قالت غادة مبتسمة : لقد تسبب صوتي العالي في وصول اللصوص لبيتنا، و ربما إن ظل كما هو وصل إلى بيتنا القتلة.
ضحكت المعلمة و التلميذات، ثم قالت صديقتها إسراء ضاحكة : لم أشك من أذني طوال هذا الأسبوع، فقد ارتاحت بعد تعود غادة على همس الطيور.
قالت المعلمة لغادة: إن حفض الصوت عند الحديث من مواصفات البنت المثالية، و التي تتصفين بها الآن، و لذلك سوف نرشحك للفوز بجائزة هذا العام.
