مسرحية محاكمة اللغة العربية لأبنائها مكتوبة Word
عنوان المسرحية: محاكمة اللغة العربية لأبنائها
أقدم لكم هذه المسرحية المعنونة بـ: (محاكمة اللغة العربية لأبنائها)، عسى أن تنال استحسانكم، وأن يكون لتنفيذ أحكامها واقعٌ في يوم من الأيام.
المشهد الأول: افتتاح الجلسة
- الحاجب (يستأذن لدخول القضاة):
ــ محكمة!
(يدخل القضاة ويتخذون أماكنهم في القاعة)
- القاضي:
ــ ليتفضل المدّعي ليبدأ حديثه.
- اللغة العربية:
ــ أنا أيها القاضي.
- القاضي:
ــ تفضّلي، هاتِ ما عندك.
- اللغة العربية:
ــ سيدي القاضي... إنني أمٌّ لأبناءٍ كُثُر... ولكن، وللأسف الشديد، أغلبهم عاقون لي، سامحهم الله.
جئت إليك اليوم أشكو عقوقهم لي بعد أن احتسبت حياتي، وأدعو الله وأدعوك أن تقضي لي بالعدل في قضيتي.
المشهد الثاني: الدفاع والاتهامات
- القاضي (موجها حديثه للأبناء):
ــ أ لديكم ردٌّ على تهمة العقوق الموجهة إليكم؟
- أحد الأبناء:
ــ سيدي القاضي... إنها امرأة عجوز، وتكاد تكون عقيمة، لم تُنجب سوى كلمات زهيدة، وقد كَبُرت الآن وزاد عقمها.
- الابن الثاني:
ــ ووجدنا بدلًا منها لغاتٍ أخرى أوسع منها... لغاتٌ تُثرينا بالكثير من الكلمات والمرادفات... لغات فيها لكل مخترع اسم.
- الابن الثالث:
ــ وأمّنا العربية هذه لا تصلح لمسايرة المخترعات الحديثة في عصر التطور هذا...
- اللغة العربية (بحزن عميق):
ــ سمعتَ يا سيدي القاضي... أسمعتَ ما قالوا؟
هل سمعتَ يومًا ابنًا يتحدث عن أمه بهذه الألقاب والصفات والتهم؟
كيف أكون عقيمًا وقد:
"وسعتُ كتاب الله لفظًا وغاية
وما ضقتُ عن آياته وعظاته"
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة وتنسيق أسماء لمخترعات؟
المشهد الثالث: إثبات البراءة
- القاضي:
ــ وكيف تردّين على ما يُنسب إليك من عقم، سيدتي الفاضلة؟
- اللغة العربية:
ــ هم يا سيدي... هم الذين رموني:
"رموني بعقمٍ في الشباب، وليتني
عقمتُ فلم أجزع لقول عداتي"
- القاضي:
ــ آه... إذن أفهم من كلامك أنك اتُّهِمتِ بالعقم ولكنك لستِ كذلك، بل أنتِ تلدين؟
- اللغة العربية:
ــ (ولدتُ، فلمّا لم أجد لعرائسي
رجالًا وأكفاء، وأدتُ بناتي)
- القاضي:
ــ وأين ذهب الرجال والأكفاء؟ فأنا أعلم أنهم كُثر!
- اللغة العربية:
ــ هم قلّة، يا سيدي، الذين يُقبلون عليَّ وعلى بناتي من الكلمات الجميلة والمعاني الفاضلة.
وكُثرٌ هم الذين باعوني بأبخس الأثمان، واشتروا لغات أخرى لا تمتّ لهم بصلة.
- القاضي:
ــ وهل هناك طريق مختصر للعودة إليكِ؟
- اللغة العربية:
ــ (نعم، أنا البحرُ في أحشائه الدرُّ كامن
فهل سألوا الغوّاص عن صدفاتي؟)
الطريق هو الغوص في أحشائي لإخراج الدرر. واسألوا علماء العربية الذين لا يزالون يغوصون لاكتشاف كنوزي، فهم فقط الذين يعرفون قيمتي.
المشهد الرابع: محامي الأبناء يدخل الحوار
- محامي الأبناء:
ــ إذا كنتِ كما تقولين، تحوين الكثير من الكنوز، فلماذا تركوكِ؟
ألم تسألي نفسك هذا السؤال ولو لمرة واحدة؟
- اللغة العربية:
ــ بلى، سألتُ ووجدتُ الإجابة:
أبنائي ينفذون ما يطلبه ناعق الغرب منهم.
هم (الغرب) الذين يريدون وأدي في ربيع حياتي.
- محامي الأبناء:
ــ حسنًا... هل معكِ أدلة تثبت عقوقهم وتركهم لكِ؟
- اللغة العربية:
ــ أرى كل يومٍ في الجرائد مزلقًا إلى القبر يدنيني بغير أناة،
وأسمع للكتاب في مصر ضجّة، فأعلم أن الصائحين نُعاتي،
أيهجرني قومي، عفا الله عنهم،
إلى لغة لم تتصل برواة؟
المشهد الخامس: القاضي يُوجّه التوبيخ
- القاضي:
ــ ومن تُدينين في كل هذه الجرائم؟
- اللغة العربية:
ــ الفرنج، يا سيدي، فهم كالأفاعي، سالَ لعابهم واختلط بلغتي الفصحى العذبة فلوّثوها بسمّهم.
وللأسف، أدين أيضًا أبنائي الذين عاثوا فيَّ فسادًا، وكانوا أذنًا صاغية لمن ينادي بوأدي،
وكانوا هم الوسيلة التي استخدمها الأعداء لقتلي.
- القاضي:
ــ سيدتي العفيفة (اللغة العربية)، لقد استمعتُ إلى كل ما قلتيه، وأصغيتُ إلى كل الأدلة التي قدّمتها.
وأوجّه إلى أبنائك قولي هذا:
أما تخجلون من أنفسكم؟؟؟
رزقكم الله هذه الأم المعطاءة ذات الصدر الواسع والخير الوفير، وتتخلون عنها لأجل لغات أخرى قاصرة ميتة وإن طال الزمان بها؟
مزجتم لغتكم بلغات غريبة ليست منها، فصرتم تتحدثون بلغات عدة في وقت واحد، فجاءت لغتكم:
"كثوبٍ ضمّ سبعين رقعة
مُشكّلة الألوان مختلفات"
فسقطت بذلك كينونتكم، وضاعت هويتكم، وصرتم لا شيء، بعد أن كنتم بها قوادًا لهذا العالم، وعظماء لا يُقهرون؟؟
المشهد السادس: ما قبل الحكم
- القاضي (موجهًا قوله للعربية):
ــ والآن، أيتها الأم العظيمة، هل من كلمات توجهينها لأبنائك قبل إصدار الحكم؟
- اللغة العربية:
ــ
"إلى معشر الكُتّاب والجمعُ حافل
بسطتُ رجائي بعد بسطِ شكاتي
فإما حياةٌ تبعثُ الموت في البِلى
وتُنبت في تلك الرموس رفاتي
وإما مماتٌ لا قيامة بعده
مماتٌ لعمري لم يُقس بمماتِ"
المشهد السابع: النطق بالحكم
(يخرج القضاة لتداول الحكم، ثم يعودون للنطق به)
- القاضي:
ــ بعد سماع شكوى الأم العظيمة والمرأة العفيفة اللغة العربية، وبعد الاستماع للجرائم التي اقترفها أبناؤها في حقها... حكمنا بما هو آت:
يعود أبناء العربية للتحدث والنطق والكتابة باللغة العربية الفصحى، وإلا يُنفّذ عليهم حكم السجن المؤبد.
يُمنع الطلاب والمعلمون والموظفون وكافة الهيئات الإدارية في مختلف الوزارات والهيئات الحكومية من التحدث بلغات ولهجات أخرى غير العربية، وإلا يُنفذ الحكم بالسجن على الخارج عن الحكم إلى أن يتوب.
يُعاد للغة العربية عزُّها ومجدها، إلى أن يبعث الله الأرض ومن عليها.
إرسال تعليق