منهجيات التدريس الفعلية و تقرير الهيئة الوطنية للتقويم

-A A +A


ناقشت الجمعية العامة للمجلس الأعلى للتربية و التكوين، في الأيام الأخيرة، التقرير الموضوعاتي الذي أعدته الهيئة الوطنية للتقييم، حول نتائج التلاميذ المغاربة في الدراسة الدولية لقياس مدى تقدم القرائية pirls 2016، من أجل " مسائلة نتائج تلك الأبحاث بالتفصيل و تحليل واقع المكتسبات و التعلمات و محدداتها من خلال معطياتها، و ما تقوله تلك الأبحاث حول مكتسبات التلاميذ، و حول جوانب النقص التي يجب تداركها بهدف تحسين أداء المنظومة التربوية" و أشارت مقدمة التقرير إلى أن الهيئة الوطنية تسعى من وراء ذلك إلى " التعرف على النواقص التي يتعين تداركها لتحقيق أهداف الرؤية الإستراتيجية المتمثلة في إرساء الجودة من خلال التحسين التدريجي لمكتسبات التلاميذ" و نظرا لأن تقرير الهيئة المتكون من 93 صفحة يحتاج إلى حيز مكاني كبير لإثارة كل الملاحظات التي سجلناها حوله، سنكتفي في هذه المقالة بنقطة أساسية لم يتطرق إليها التقرير، و هي العلاقة بين منهجيات التدريس و الإطار المرجعي لوضع أسئلة الاختبار.

حقيقة ستعتمد الدراسة الدولية لقياس مدى تقدم القراءاتية، و كذا تقرير الهيئة الوطنية للتقويم على الوثائق الرسمية المعتمدة من طرف وزارة التربية الوطنية، حيث تم الاعتماد على إطار مرجعي نظم حول هدفين للقراءة: القراءة من أجل التجربة الأدبية، و القراءة من أجل اكتساب المعلومة و استعمالها- و اعتمد كذلك على أربع عمليات للفهم، لخصها التقرير فيما يلي:

العثور على المعلومات الواضحة الواردة في النص و استخراجها منه؛
القيام باستقراءات أو استنتاجات بسيطة؛
تفسير و تركيب الأفكار و المعلومات؛
تقييم المحتوى و العناصر النصية و نقدها.

و بذلك فالتقرير لم يأخذ بعين الاعتبار منهجيات التدريس الفعلية، التي لا تتوفر الوزارة على معلومات دقيقة حولها بحكم أنها أوقفت بيداغوجيا الإدماج شفويا من طرف الوزير الأسبق محمد الوفا، و هي التي تناسب هذه الأهداف، و لم تصدر أي قرار آخر يتبعه المدرس، و لم تستثمر تقارير هيئة التأطير و المراقبة التربوية- مع الإشارة إلى قلة عدد هذه الفئة- التي تسلم للمدبرين الإقليميين، و كذا توقف التكوين المستمر، كل هذه و غيره ترك المدرس في حيرة من أمره.
و بالرجوع إلى الميدان نجد أن المستويين الأخيرين من الفهم، تفسير و تركيب الأفكار و المعلومات، و تقييم المحتوى و العناصر النصية و نقدها، غير واردين في القاموس التدريسي ميدانيا. بل يمكن القول: إن الوصول بالمتعلمين للمستوى الثاني. القيام باستقراءات أو استنتاجات بسيطة، يعد إبداعا ديداكتيكيا مقارنة بالوضع العام الذي وصلت إليه المنظومة من تدني.

خلاصة القول: رغم تحفظنا على ما يصدر عن المؤسسات الدولية في المجال التربوي، و مع احترامنا لمؤسسة المجلس و خبرائها يجب اعتماد تقييم ينبني على دراسات ميدانية عملية، دون انغماس فيما يثيره نشر نتائج الأبحاث الدولية حول تقيم مكتسبات التلاميذ، من رد فعل إعلامي سواء ركز على المرتبة التي يحتلها المغرب في الترتيب الدولي وفق نتائج ذلك التقييم، أو غيره، بل استثمار كل التقارير الإعلامية و المؤسساتية لضبط مكمن الخلل في المنظمة التربوية المغربية.
عبد الرزاق بن شريج- خبير تربوي

شارك المقال لتنفع به غيرك

7774673206035171072
https://www.moualimi.com/